كنيسة المهد


أقدم كنيسة في الأرض المقدسة، ولا تزال أبوابها مفتوحة أمام الزوّار والحجّاج منذ بناءها حتى اليوم، ويحيي فيها سكان المدينة طقوسهم الدينية دون انقطاع. بنيت الكنيسة الأصلية تحت رعاية الملكة هيلانة والدة الامبراطور قسطنطين (والتي أطلق عليها بعد ذلك ب"القديسة هيلانة")، بعد أن أتمّت رحلة حج إلى المواقع المرتبطة بحياة يسوع المسيح في عام 325 م.

بإيمانها العميق وتفانيها، اختارت القديسة هيلانة مغارة المهد، مسقط رأس يسوع التقليدي، موقعًا للكنيسة الجديدة. كانت الكنيسة، التي تم تدشينها عام 339 م، إنجازًا رائعًا ذو أهمية معمارية وروحية، حيث بُنيت على الطراز الإمبراطوري مع صحن مركزي محاط بأربعة ممرات جانبية كبيرة. وقد تم اكتشاف جزء من أرضية الفسيفساء الأصلية للكنيسة الأولى عام 1934 م، وهي عبارة عن شهادة دائمة على البراعة الفنية والحرفية التي امتازت بها هذه الفترة.

ومن المؤسف أن الكنيسة الأصلية لم تصمد أمام اختبار الزمن، حيث جرى تدميرها في القرن السادس خلال الثورة السامرية. ومع ذلك، تم الحفاظ على تراث الكنيسة الدائم من خلال جهود الإمبراطور البيزنطي جستنيان، الذي أمر بإعادة بنائها وتوسيعها في عام 529 م. وتحت رعاية جستنيان، تحولت كنيسة المهد إلى أجمل بناء كنسي في الأرض المقدسة، مع إضافة رواق وساحة واسعة وجناح كبير على كلا الجانبين.

على مر القرون، ظلت كنيسة المهد موقعًا للتبجيل والترميم فقد أجرى الفرنجة واليونانيون تجديدات وترميمات كبيرة بين عامي 1165 م و1169 م، حيث دُمج خشب الأرز مع الرصاص والأرصفة الرخامية الجديدة والفسيفساء متعددة الألوان التي تصور نسب المسيح والعقيدة المسيحية.

على الرغم من التحديات التي واجهتها، ظلت كنيسة المهد وجهة رئيسة للحجاج المسيحيين والزوار غير المسيحيين من مختلف أنحاء العالم، حيث توفر اتصالاً ملموسًا بولادة يسوع المسيح. وفي السنوات الأخيرة، بُذلت جهود متضافرة لترميم سقف الكنيسة المتهدم وأجزاء هامة منها بواسطة لجنة رئاسية فلسطينية أشرفت على جهود جمع الأموال والاشراف على أعمال الترميم، وفي عام 2012 م، أدرجت الكنيسة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي، اعترافًا بأهميتها التاريخية والثقافية الهائلة.

كلمات مفتاحية::