فلسطين : أرض الزيتون و العنب المشهد الثقافي لمدرجات جنوبي القدس ،بتير


يقع المشهد الثقافي لمدرجات جنوب القدس على بعد 7 كيلومترات جنوب غرب القدس، ويمتد على طول سلسلة من الوديان تبدأ من وادي المخرور غرب مدينة بيت جالا باتجاه قرية حوسان، ويحيط بقرية بتير. تعتبر هذه المدرجات جزء هام من المشهد الثقافي لمرتفعات فلسطين الوسطى الممتدة من نابلس في الشمال الى الخليل في الجنوب، وتمثل شاهدا ماديا على تفاعل الانسان مع الطبيعة وتأثيره في تشكيل مشهدها وتطويعه لخدمته منذ آلاف السنين وحتى هذه الايام.

 تم تسجيل الموقع على لائحة التراث العالمي في عام 2014،  وفقا للمعيارين الرابع و الخامس، وعلى لائحة التراث العالمي المهدد بالخطر في نفس العام، كون المشهد الثقافي كان مهددا بصورة كبيرة بسبب التحولات الجيوسياسية والاجتماعية والثقافية، مع إمكانية التسبب بإضرار لأصالة الموقع وسلامته بصورة لا يمكن إصلاحها خاصة مخطط  بناء الاحتلال الاسرائيلي لجدار الفصل، والذي يعزل المزارعين المحليين عن حقولهم التي ما زالوا يزرعوها منذ قرون.

وتتجلى الأهمية العالمية الاستثنائية للموقع في عمارة السناسل الحجرية الجافة للمدرجات الزراعية التي تشكل نموذجا بارزا لتطور المشهد الثقافي للمستقرات البشرية القريبة من مصادر المياه، وتحويل الأراضي الوعرة الى أراض زراعية منتجة. ويعد نظام الري التقليدي لهذه المدرجات شاهدا على تطوير خبرات تكنولوجية زراعية مميزة ساهمت في تكوين المشهد الثقافي لهذه المنطقة وأصبحت جزء لا يتجزأ منه. كما يعتبر موقعه الاستراتيجي على الطرق التاريخية وينابيع من أهم العوامل التي جذبت الانسان للاقامة فيها والتكيف مع منحدراتها الطبيعية الوعرة وتحويلها الى أراضي زراعية. وتمثل هذه المدرجات نموذجا مميزا لاستخدام الارض وتعبر عن ثقافة غنية عكست تفاعل الانسان مع الطبيعة منذ آلاف السنين، وذلك من خلال ممارسة أنشطة وأساليب زراعية تقليدية تعد واحدة من أقدم أساليب الزراعة المعروفة التي أثرت في تكوين مشهدها الثقافي الفريد، ووفرت مصدر هام لمعيشة المجتمع المحلي.

يشتمل الموقع على ممرات مشاة تقليدية، يستخدمها المزارعون من سكان بتير وحوسان وبيت جالا للتنقل في أراضيهم، وعلى العديد من المستقرات البشرية القديمة، التي تطورت حول الينابيع الكثيرة التي تنتشر في المنحدرات الجبلية. وقد ساهمت هذه المستقرات، التي يعود الكثير منها إلى العصور البرونزية (الألف الرابع قبل الميلاد)، في إنشاء مشهد ثقافي فريد، يتكون من مدرجات زراعية مدعومة بجدران من الحجارة الجافة، وأبراج مراقبة زراعية (مناطير أو قصور)، ومعاصر زيت الزيتون، وبرك ري قديمة تجمع المياه المتدفقة من الينابيع، وقنوات الري القديمة وغيرها من الخرب والمعالم الأثرية.ويعد نظام توزيع المياه التقليدي - الذي مازال مستخدما في بتير- نظام وتقليد قديم يوفر المياه للمدرجات الزراعية بناء على عملية حسابية بسيطة تقوم على تناوب الري وفق تقاليد متوارثة تضمن عدالة التوزيع وفق جدول زمني واضح.

كلمات مفتاحية::