مدينة الخليل
تقع مدينة الخليل على بعد 30 كم جنوب مدينة القدس، وترتفع حوالي 1000م فوق سطح البحر. وهي تقع على تقاطع الطرق التجارية والعسكرية التي تربط شمال فلسطين بجنوبها مما أكسبها دوراً كبيراً ومهماً من الناحية الثقافية والتجارية والاجتماعية عبر العصور المختلفة. بسبب تربتها الخصبة، ووفرة المياه فيها وأمطارها الغزيرة واعتدال مناخها، جعلها أيضًا إحدى أخصب المناطق الزراعية في فلسطين وأغناها وأجودها عنبًا.
تُعدُّ مدينة الخليل واحدة من أقدم المدن العريقة التي ما زالت مأهولة في العالم، ويمتد تاريخها إلى أكثر من 6000 عام. وتتمتع الخليل بمكانة دينية مميزة فهي تعتبر رابع أقدس مدينة إسلاميَّة بعد مكة والمدينة المنورة والقدس وثاني أقدس مدينة اسلامية في فلسطين بعد القدس الشريف؛ ففيها دفن الأنبياء الثلاثة: إبراهيم، وإسحق، ويعقوب ومعهم زوجاتهم.
كانت المدينة القديمة تقوم على تل الرميدة الأثريّ حتى بداية الفترة الإسلاميَّة، وعُرِفَت بأسماء متعددة، منها: حبرون، وحبرى، ومسجد إبراهيم، وخليل الرَّحمن، والخليل (أي الصَّديق) وأسماء أخرى.
يعتبر الحرم الإبراهيميّ الشريف من أهم المعالم الحضارية والدينية المميزة للمدينة والذي منحها مكانة عالية، وجعل منها مقصدًا دينيًّا للمؤمنين من كافة الدول الاسلامية والعالمية. تقف المدينة التاريخيَّة بهندستها المعماريَّة، المملوكيَّة والعثمانيَّة، والتي تم الحفاظ عليها وصيانتها، شاهدًا على حيويَّة المدينة وتعدديتها الثقافيَّة على مر العصور.
ازدهرت الخليل خلال الفترة المملوكيَّة (1250-1517م) وجُمِعَت مع القدس عبر مركز إداريّ مرموق باسم "ناظر الحرميْن الشريفيْن" الذي أشرف على أملاكهما الوقفيَّة. ازدادت حركة البناء المملوكيَّة في المدينة بما يتناسب ومكانتها الدينية، فأصبحت مركزًا دينيًّا وصوفيًّا مشهورًا، وشُيِّدَت الكثير من المباني حول الحرم الشريف، حيث شملت الجوامع والزوايا والأربطة والمدارس والأسواق التجاريَّة والسبل والمقامات وغيرها. وخلال الحكم العثماني (1516-1917م) شهدت المدينة فترة من التوسّع أعطتها شكلها الحالي وحدودها.
خضعت المدينة كباقي مدن فلسطين الى حكم الانتداب البريطاني عام 1917م، ثم انتقلت للحكم الأردني عام 1948 حتى سقوطها تحت نير الاحتلال الإسرائيلي عام 1967م، الذي سعى إلى تهويدها وتغيير هويتها عبر بناء مستوطنات صهيونيَّة في قلبها ومحيطها والتضييق على سكانها.
وتعتبر مدينة الخليل اليوم من أهم المدن التجارية والصناعية في فلسطين، إذ تشتهر بتجارة الرخام وحجارة البناء والأحذية والألبان، وفيها العديد من الصناعات التقليديَّة الحرفيَّة التي تُبرِزُ الهويَّة التراثيَّة للشعب الفلسطينيّ كالفخار والخزف والزجاج.
في العام 2016 تم تسجيل الخليل كمدينة حرفية عالمية من قبل مجلس الحرف العالمي.
البلدة القديمة / الخليل
تقع البلدة القديمة في الجنوب الشرقيّ من مدينة الخليل ويتوسطها الحرم الإبراهيميّ الشَّريف. نشأت البلدة القديمة في موقعها الحالي خلال الفترة الإسلاميَّة المبكرة، عندما انتقلت من تل الرميدة إلى جوار الحرم الإبراهيميّ ومحيطه.
ازدهرت المدينة في الفترة المملوكيَّة وأصبحت مركزًا حضاريًّا ودينيًّا مرموقًا، ونسجت البلدة القديمة عمرانها في محيط الحرم الشَّريف وجنباته، وضَمَّت أطيافًا اجتماعيَّةً مختلفة عَمَّرت حاراتها، وأحواشها، وشوارعها، وأسواقها، وخاناتها، ومساجدها، وزواياها، ومدارسها. كما ضَمَّت ثلاث عشرة حارة. خلال الفترة العثمانيَّة شهدت المدينة توسعًا عمرانيًّا أعطاها شكلها وحدودها الحاليين ضمن نطاق البلدة القديمة.
اعتمدت المدينة في تخطيطها النمط الإسلاميّ الذي يقوم على نظام الحارات التي التَفَّت ببعض جوانب الحرم الإبراهيميّ الشَّريف، وبعضها كانت منفصلة عنه مثل حارة الشيخ علي البَكَّاء وقيطون وباب الزاوية؛ فلكل حارة مداخلها الخاصة وبواباتها المحكمة التي كانت تُغلَق ليلاً حتى مطلع القرن الحالي، وفي كل حارة عدد من الأحواش والأزقة والميادين العامة، وقد وفر هذا النِّظام أمنًا وخصوصيَّةً كاملة للسكان، حيث يتدرج هذا النِّظام من العام إلى الخاص من خلال الطرق التي تربط الحارات ببعضها، ومن الميادين داخل الحارات التي ترتبط بالأزقة ثم إلى الحوش، وانتهاءً بمكان السكن الخاص. وشَكَّلت هذه الحارات وأبنيتها جسد المدينة المسور من جميع الجهات الأمر الذي منحها الحماية المطلوبة.
تمّ ادراج البلدة القديمة للخليل على لائحة التراث العالمي وعلى لائحة التراث العالمي المهدد بالخطر عام 2017، وفق المعايير الثاني والرابع والسادس، كنموذج مميز لمدينة لعبت القيم الانسانية وتبادلها دورا أساسيا في تطور عمارتها وتكنولوجية بنائها وفنونها وتخطيطها الحضري ومشاهدها الثقافية. وشكلت القيم والتقاليد الثقافية والمعتقدات الدينية والروحية المستلهمة من حسن الضيافة والكرم لسيدنا إبراهيم، وموقعها الاستراتيجي على أحد أهم الطرق التاريخية الرئيسية، مقوم أساسي للطابع الثقافي والتقاليد الدينية لهذه المدينة، والتي لا زالت منغرسة عميقا في عادات وتقاليد أهل الخليل ومنها تكية سيدنا ابراهيم التي مازالت تقدم المائدة الابراهيمية مجانا لزوار الخليل وفقرائها.
محافظة الخليل:
تقع محافظة الخليل جنوب الضفة الغربية وهي تعتبر أكبر المحافظات الفلسطينية من حيث المساحة وعدد السكان، اذ تبلغ مساحتها حوالي 1067 كم²، وتعداده سكانها في العام 2023 حوالي 845 ألف نسمة. تتكون المحافظة من 100 قرية ومدينة أبرزها مدن الخليل وبيت أمر وحلحول ودورا ويطا والظاهرية وبني نعيم والسموع، بالإضافة إلى مخيميين للاجئين هما العروب والفوار..