الزوايا والأربطة

الزوايا والأربطة

حظيت مدينة الخليل بمكانة مرموقة على مدار تاريخها بشكل عام، وازدادت أهميتها خلال الفترات الإسلاميَّة لوجود قبر سيدنا إبراهيم، عليه السلام، فيها لمكانته الخاصة في الإسلام، واعتبرت رابع أهم مدينة إسلاميَّة؛ فأصبحت مقصدًا وعنوانًا مهمًّا للحجاج والزُّوَّار والرَّحالة والمُتعبِّدين على مدى العصور الإسلاميَّة المتعاقبة. وقد تنامت أهمية الخليل خلال العصر المملوكيّ، ووجدت الحركة الصوفيَّة، بطرقها المختلفة، ظلال قبر سيدنا إبراهيم جوًا مناسبًا لها، فتناثرت الزوايا الصوفيَّة في أنحاء المدينة، وأصبحت علامة مميزة لها. وبعد استعادة فلسطين من الصليبيين قام الأيوبيون، ومن ثم المماليك، بتقوية دور المقدسات الإسلاميَّة في الخليل وتعزيزها، وشمل ذلك ترميم المساجد والمدارس والزَّوايا الصوفيَّة والتكايا والأربطة وبنائها. وتعتبر الزوايا من المؤسسات الدينية والتعليمية التي رُصِدت لها الأموال اللازمة لضمان استمراريَّة عملها.

جذبت هذه الأعمال مجموعة كبيرة من رجال الدين والعلماء الصوفيين الذين أتوا إلى الخليل، إما زائرين أو مقيمين؛ مما ساهم في زيادة عدد سكان المدينة بشكلٍ كبير، وبلغ عدد الزوايا والمقامات فيها أكثر من 20 زاوية و 14 مقامًا انتشرت داخل مدينة الخليل، أهمها: زاوية الشيخ علي البكَّاء التي تقع في حارة الشيخ، وبنيت بأمر من الأمير عز الدين ايدمر نائب الكرك، وهناك زاوية الشيخ عمر المجرد في حارة الأكراد، وهو بغدادي الأصل وتوفي ودفن فيها عام 1489م. وزاوية المغاربة بجوار عين الطواشي، وأصبحت زاوية الأشراف نسبة إلى آل الشريف في الخليل، وكذلك الزاوية القادريَّة قرب الحرم الإبراهيميّ الشريف، وأسسها عبد القادر الجيلاني، الذي أنشأ الطريقة الصوفيَّة القادريَّة. وبنيت زاوية الجعبري عند المدخل القبليّ الشرقيّ للحرم نسبة إلى الشيخ برهان الدين بن عمر الجعبري 1331م. وهناك زاوية القواسمة وتنسب إلى الشيخ أحمد القاسمي الجنيدي المدفون فيها، وتقع في حارة الشيخ علي البكَّاء، أما زاوية الشيخ خضر فتقع في حارة قيطون.

ووجدت في الخليل مجموعة من الأربطة، وهي منشآت دينيَّة للصوفيَّة كان منها الرباط المنصوريّ، الذي عَمَّره الملك المنصور قلاوون 1280م. لإيواء الزوار والفقراء، وهو ملاصق للمسجد الإبراهيميّ من جهة الغرب، ورباط الطواشي في حارة الأكراد، ورباط مكي في حارة قيطون، وغيرها.