معاصر السمسم
عُرِف استخراج زيت السمسم منذ آلاف السنين، ويعتبر من أقدم الزيوت النَّباتيَّة وأجودها في استخدامات الأكل والإضاءة والعلاج. ويُعدُّ استخراج زيت السمسم (السيرج) وتصنيع الطحينة والحلاوة من أهم الصناعات التقليديَّة في بلدة الخليل القديمة، وتُعتبر "معصرة اقنيبي" نموذجًا من خمس معاصر وجدت في المدينة في الفترة العثمانيَّة، وأقيمت هذه المعصرة مكان معصرة زيتون لا تزال بعض عناصرها ظاهرة في المكان.
وتتكون المعصرة من أحواض ذات أشكال وأعماق مختلفة وبئر ماء ورحى بازيلتيَّة لطحن حب السمسم، وكانت تدار بواسطة الدواب، ولها مجرى يصل إلى حوض لجمع السمسم المطحون. وتستغرق عملية استخراج السيرج بالطريقة التقليديَّة عدة ساعات، وتمر بعدة مراحل تتضمن التنظيف والتقشير والتحميص والطحن والعجن والعصر، وتبدأ هذه المراحل بنقع حبوب السمسم لمدة معينة لتنظيفه من الأتربة والشوائب وتليين قشرته، ثم يُنقَع بالماء والملح في حوض دائريّ لفصل قشوره عنه؛ فتطفو البذور على السطح، وتُنقَل إلى حوض آخر مربع الشكل، ويُنقَع في ماءٍ عذبٍ للتخلص من الأملاح والشوائب، وبعدها يُنشَّف ويُحمَّص في فرنٍ خاص، ويُطحَن بالرَّحى، ثم يُعجَن السمسم المطحون في أحواض العَجَّانات ذات الشكل المخروطيّ، وتبدأ بعدها عملية استخراج السيرج وتصنيع الطحينة، وما يتبقى من السمسم يسمى "كسبة" وهي عبارة عن قشور السمسم، وتكون على شكل مادة لينة كثيفة جدًّا وبنيَّة اللون، وتعتبر مادة غذائيَّة غنيَّة جدًّا، وكانت تُستخدَم لتغذية الأبقار لزيادة كمية إدرار الحليب، كما تُقبِل عليها النساء المرضعات للغرض نفسه، ويتم تناولها مع التمر أو السكر، أو بخلطها مع الحلاوة مما يكسبها مذاقًا طيبًا.