تل السلطان (أريحا القديمة)
يقع تل السلطان في الجزء السفلي من سهل وادي الأردن على بعد 10 كم إلى الشمال من البحر الميت. وهو على انخفاض 250م تحت مستوى سطح البحر الأبيض المتوسط، وله تاريخ يعود إلى فترة العصر الحجري الحديث. وأريحا القديمة هي أخفض وأقدم مدينة على وجه الأرض، وتبلغ مساحة التل الذي تم العثور فيه على أنقاض البلدة القديمة حوالي فدان واحد.
وقد ورد ذكر مدينة أريحا القديمة في العديد من المصادر التاريخية، وتشير اللقى من الحفريات الحديثة في الموقع إلى أن اسمها قد نقش على أختام (جُعران) من الألف الثانية قبل الميلاد من العصر البرونزي الوسيط (الفترة الكنعانية). وكشفت الحفريات المتعاقبة في الموقع عن تاريخ حضاري يمتد نحو 10 آلاف سنة. وتعود أقدم هذه الآثار إلى الحضارة النطوفية (10-8 آلاف سنة قبل الميلاد)، وتتكون من أدوات صوانية، والتي تدل على وجود سكن نطوفي بالقرب من عين السلطان. واقدم بقايا من العصر الحجري الحديث تظهر في مستوطنة صغيرة، فيها بيوت مبنية من الطوب المصنع من الطين، وأحيطت المستوطنة بسور وبرج دائري، وهي أقدم نموذج محفوظ لأنظمة التحصينات.
لعبت أريحا دورا رئيسا في المراحل المبكرة من انتشار المسيحية. وتركز السكن خلال الفترة الهيلينستية المتأخرة حتى بداية الفترة الرومانية في موقع تلول أبو العلايق المعروف باسم القصور الهيرودية؛ وبني في الموقع مجموعة من القصور والمنشآت متعددة المرافق، وانتقل الموقع الإداري خلال الفترة الرومانية المتأخرة وبداية الفترة والبيزنطية إلى منطقة أريحا الحديثة. وقد ورد ذكر أريحا في العديد من المصادر التاريخية، بما في ذلك خارطة مادبا الفسيفسائية التي تعود الى القرن السادس الميلادي، وأشير لمدينة أريحا من خلال صورة الكنيسة وشجرة النخيل، إضافة إلى نقش القديس اليشع، وتظهر الخارطة محيط المدينة الجغرافي الذي يشتمل على كل من نهر الأردن والبحر الميت.
وكشفت الحفريات الأثرية في القرن الماضي عن بقايا أثرية في العديد من المواقع الواقعة داخل مركز مدينة أريحا التاريخية الحديثة، والتي تلقي الضوء على تاريخها خلال الفترة البيزنطية. كما تم العثور على عدد كبير من الكنائس من الفترة البيزنطية في محيط المدينة، بما في ذلك المكتشفات من تل الحسن والكنيسة القبطية وكنيسة الأب افتيميوس الأرثوذكسية اليونانية وخربة عين النتلة. وعثر في عام 1962 عن بقايا بيزنطية، بما في ذلك أرضية من الفسيفساء الملونة. وأثناء أعمال بناء المتحف الروسي في أريحا عام 2010، جرت حفريات إنقاذية في المنطقة بإشراف وزارة السياحة والآثار الفلسطينية ومعهد الآثار في أكاديمية العلوم الروسية. وكشفت البعثة عن المزيد من البقايا المعمارية، بما في ذلك أرضية من الفسيفساء التي عثر عليها خلال عمليات التجريف، وكشف عن سلسلة من المباني التي يعود تاريخها إلى أوائل الفترة الرومانية والبيزنطية والأموية والعصور الوسطى والفترة العثماني.
ونفذت سلسلة من أعمال إعادة التأهيل في تل السلطان من قبل دائرة الآثار الفلسطينية خلال العقد الماضي، وذلك في إطار التعاون مع جامعة روما لاسابينزا ومنظمة اليونسكو، ولا زال الموقع يظهر تفاصيل لبعض أقدم الحضارات على وجه الأرض، وعن طرق حياتهم التي عاشوا بها.