قصر الخواجا
خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، كانت الجبال الوسطى في فلسطين (التي هي اليوم الضفة الغربية) مقسمة إلى أربع وعشرين ناحية إدارية (مشيخة). كان يحكم هذه المشايخ شيوخ ينتمون إلى العائلات الغنية أو النبيلة، وقرى الكراسي هي القرى التي كان هؤلاء الشيوخ وعائلاتهم يقيمون فيها. تختلف أحجام المشايخ من واحدة إلى أخرى، فبعضها كان يضم أكثر من أربعين قرية مثل مشيخة جماعين في منطقة نابلس، في حين أن مشيخة مثل مشيخة بني حارث قرب رام الله، فقد حكمت إحدى عشرة قرية.
كان الشيخ يتمتع بمكانة سياسية واجتماعية، وهو الذي يجمع الضرائب نيابة عن الحكومة العثمانية المركزية. وبالنتيجة، حاز الشيوخ على قوة وثروة كبيرتين، الأمر الذي انعكس على طريقة معيشتهم وعلى عمارة قصورهم وقراهم. كما كانوا يتفاخرون بقرب علاقاتهم بوجهاء المدن، وغالباً ما وضعوا أنفسهم حلفاء لهم. بالتالي، وعلى الرغم من أن قصورهم مشيدة في المناطق الريفية، فإنَ أسلوب عمارتها فريد، وفخامتها تعكس أسلوباً مدنياً، تحديداً من حيث الحجم والترتيب الحيزي، والزخرفات.
لا تزال غالبية قصور الكراسي قائمة إلى اليوم، رمم العديد منها. فهذه المواقع ليست فقط مواقع للتاريخ والتراث الفلسطيني، وإنما هي أيضاً فراغات جميلة يمكن إعادة توظيفها لتلبية الاحتياجات المعاصرة. يوجد في معظم هذه المباني ساحات كبيرة ومساحات داخلية واسعة يمكنها بسهولة أن تستضيف ورش العمل والمؤتمرات والفعاليات الموسيقية وغيرها من النشاطات الثقافية والمجتمعية.
بني قصر الخواجا من قبل مصطفى الخواجا؛ وأكمل البناء ابنه درويش الخواجا في عام 1831م. وتبلغ مساحة القصر 468 متراً، يقع مدخل القصر الرئيسي في الجهة الشرقية. والمدخل عبارة عن بوابة كبيرة لها قوسين يتوسطهما لوحة حجرية نقشت عليها أبيات شعرية وتاريخ البناء. تؤدي البوابة إلى ساحة سماوية واسعة تلتف حولها غرف للحراسة والمؤونة، وإسطبل للخيول والجمال وتربية المواشي؛ وهناك أدراج مكشوفة ومعقودة تؤدي إلى الطابق العلوي الذي يحتوي على علية الشيخ وغرفة المحكمة وغرف السكن الأخرى. وهناك باب للقصر في الجهة الغربية عرف بباب الخوخة، مخصص للنساء. بني القصر على الطريقة العثمانية؛ فهناك الأقواس، والقباب، والأدارج الخارجية والداخلية، والأعمدة التاجية، والزخارف الهندسية. عملت جمعية نعلين للعمل التطوعي والتطوير بالتعاون مع مؤسسة رواق على ترميم القصر في سنة 2008. يستخدم القصر حالياً مركزاً تعليمياً ومركزاً لإحياء المناسبات الاجتماعية والثقافية والفعاليات الجماهيرية، وتتسع الساحة الكبيرة لأكثر من 200 شخص، وتتسع الغرف لنحو 50 شخصاً.