كنيسة البيرة
ذكرت كنيسة البيرة في أيلول عام 1128 ميلادي، عندما كانت البيرة والقرى المحيطة تتبع الى كنيسة القيامة. وفي عام 1172 ميلادي ذكر الحاج الألماني ثيودوريك أن كنيسة البيرة كُرّست إلى القديسة ماريا. ومن المتوقع أن الكنيسة عام 1195 ميلادي قد حولت إلى مسجد بعد أن استعاد صلاح الدين الأيوبي البيرة من الصليبيين. وفي القرن الرابع عشر ميلادي كان شائعاً بين اللاتين أن الكنيسة بنيت فوق المكان الذي فقدت فيه العائلة المقدسة ابنها عيسى أثناء سفرهم ما بين القدس والناصرة. وتذكر بعض الروايات أن حاجاً غير معروفاً، ذكر بأن الكنيسة كرست إلى مريم العذراء، في المكان الذي فقدت مريم ابنها المسيح. إن معظم بقايا الكنيسة بقيت محافظة على شكلها حتى الحرب العالمية الأولى، عندما هدمها الجيش التركي من أجل بناء جسر حجري.
استخدم الطراز الرومانسكي في بناء كنيسة البيرة، وهذا الطراز استخدم في الكنائس التي بناها الصليبيون في بداية القرن الثاني عشر الميلادي، وتطور هذا النمط المعماري في أوروبا في القرنين التاسع والعاشر الميلاديين ووصل ذروته بدرجة عالية من التقدم في القرنين الحادي عشر وبداية القرن الثاني عشر في مملكة القدس.
يتبع تخطيط كنيسة البيرة لنظام البازيليكا، وهي ذات شكل مستطيل أبعاده (22x34-37 متر) وتتكون من أروقة جانبية على طول امتداد البناء، ويفصلها عن صحن الكنيسة أعمدة أو ساريات حجرية، وفي الجهة الشرقية يوجد ثلاث حنيات نصف دائرية (أو محاريب) غير ظاهرة من الخارج بسبب سماكة الجدران. يتوسط المدخل الجهة الغربية من الكنيسة، وظل محافظاً على شكله حتى الثلاثينات والأربعينيات من القرن الماضي. ومن خلال البقايا المعمارية التي ما زالت ظاهرة، فإن مدخل الكنيسة كان على طرفيه عمودان أو دعامتان يعلوهما قوس يتقدم الباب أو المدخل، وربما كان يصعد إلى مدخل الكنيسة من خلال بضع درجات، ومن ثم يتم النزول إلى فناء الكنيسة عبر درج مكون من ثلاث درجات بطول 240 سم للدرجة الواحدة، ويتفاوت ارتفاعه ما بين (20-30 سم)، ويلاحظ أن الدرج قد بني من حجارة مشذبة، ومدقوقة بشكل جيد، ويوجد درجة هنالك درجة رابعة بنفس الارتفاع والاتجاه.
قطعت أرضية الكنيسة بالصخر، ورصفت الأرضية ببلاطات حجرية وذلك لتسوية الأرضية قبل وضع البلاط الذي كان يغطي أرضية الكنيسة. وبنيت جدران الكنيسة من الحجارة المدقوقة بشكل جيد، بينما الجدران الخارجية فقد بنيت من حجارة غير مشذبة وغطيت الجدران الداخلية بطبقة من القصارة، وقد زينت القصارة بزخارف وعلامات أشبه بغصن النخيل. وفي فترة لاحقة غطيت الجدران بطبقة أخرى من القصارة البيضاء التي زينت برسومات ما زالت بقاياها ظاهرة بالكنيسة، وقوام تلك الزخارف خطوط من الدهان ذات اللون الأحمر الضارب إلى اللون البني، إضافةً إلى رسومات أشبه بأوراق نباتية وأشكال لولبية. وعلى جوانب الجدران يوجد مقاعد مقطوعة بالصخر وبعضها بني من حجارة ضخمة تلف الكنيسة. وعلى يسار درج المدخل يوجد برج الجرسية وكان يتم الصعود إليه من خلال درج حجري لولبي.