العيزرية:
وهي من البلدات التي تتبع إداريا لمحافظة القدس، تقع إلى الجنوب الشرقي من جبل الزيتون على بعد2 كيلومتر للشرق من مدينة القدس، ويحدها من الجنوب بلدة أبو ديس، ومن الشرق البحر الميت، أما من الشمال بلدة الطور والزعيّم، ومن الغرب بلدة سلوان، يزيد تعداد سكانها عن اثنين وعشرين ألف نسمة، وهي حاليا حلقة الوصل بين شمال الضفة الغربية وجنوبها.
ارتبطت العيزرية بالمعجزة التي قام بها السيد المسيح (سيدنا عيسى عليه السلام) عندما أحيى اليعازر أخا مريم ومرثا بعد أربعة أيام من وفاته، وكان اليعازر صديقا للسيد المسيح الذي تردد على بيته مرات عدة، وهنالك احتفال سنوي يعرف باسم سبت اليعازر لإحياء هذه الذكرى.
التسمية
عرفت العيزرية خلال الفترات التاريخية المتعاقبة بعدة تسميات، أقدمها عننيا، وبيت عنيا، وعرفت في الفترة الرومانية والبيزنطية باسم لزاريوم نسبة إلى ضريح (قبر) اليعاز، والكنيسة الموجدة فيها.
كما أطلق عليها "بثاني" نسبة للبلدة التي عاش فيها اليعازر، والتي كانت بيت للفقراء ومكان للعناية بالمرضى. واستمر تداول هذه التسميات خلال الفترة الفرنجية في فلسطين، أما الاسم العربي الحالي للعيزرية فإنه مستمد أيضا من قصة اليعازر حيث شيد مقام ومسجد فوق قبر اليعازر في الفترات الإسلامية، وتمثل العيزرية نموذجا جليا في التعايش الثقافي والحضاري على مر العصور.
قبر اليعازر
يعتقد بان قبر اليعازر كان على طرف قرية العيزرية الرومانية في حينه، وهو قبر مقطوع في الصخر، يحتوي على حجرة دفن، وتعود التغيرات الحالية في شكل القبر للفترة الصليبية، ويُنزل إليه عبر 24 درجة، والتي تؤدي إلى ردهة احتوت في السابق على مدخل في جدارها الشرقي، ولكنه أغلق لاحقا، وتتصل الردهة مع حجرة الدفن عبر فتحة يستطيع الزائر النظر منها إلى حجرة الدفن، أو بإمكانه النزول لحجرة الدفن عبر ثلاث درجات. ويعتقد بان الحجرة احتوت على الحجر الذي أمر السيد المسيح برفعه عندما أحيى اليعازر.
العيزرية عبر العصور
تظهر أقدم الدلائل الأثرية في العيزرية من خلال مقابر تعود إلى العصر البرونزي، وكذلك من كسر فخارية تعود إلى الفترة الفارسية (539-332 ق.م)، والهيلينستية (332-63 ق.م)، وكشف عن مقابر من الفترة الرومانية، وشهدت العيزرية أحداث دينية ارتبطت بمرور السيد المسيح (عيسى عليه السلام) ما بين القدس وأريحا، وخاصة إقامته اليعازر من بين الاموات، فبنيت كنيستين خلال الفترة البيزنطية، ضمن محيط قبر اليعازر، وكشفت التنقيبات الأثرية عن بقايا هذه الكنائس، وتبين بأن الكنيسة الأولى قد شيدت خلال القرن الرابع الميلادي، أما الكنيسة الثانية فتعود إلى القرن الخامس الميلادي، ومن معالم الرئيسية للكنائس أرضياتها الفسيفسائية الملونة.
وتوجد في العيزرية عين الحوض الواقعة على الطريق القديمة التي كانت تصل بين أريحا والقدس، ويعتقد بان السيد المسيح قد شرب منها، وفي الفترة الأموية بني الخليفة عبد الملك بن مروان خان الحوض في المنطقة ليكون استراحة للمسافرين والحجاج القادمين إلى بيت المقدس.
وخلال الفترة الصليبية (1099-1187م)، تم ترميم الكنيسة البيزنطية الثانية وسميت باسم (مريم ومرثا أو سمعان الأبرص)، وشيد بجانبها دير كبير به معصرة زيتون، وبرج، كما بنيت كنيسة رابعة في القرن الرابع عشر الميلادي، إلا انه لم يتبقى من معالمها إلا القليل.
ذكرت بلدة العيزرية من قبل الرحالة ومنهم ياقوت الحموي خلال القرن الثالث عشر، وبحلول عام 1384 (خلال الفترة المملوكية) بني مسجد صغير، عرف باسم مسجد العُزَيّر، وقام العثمانيون بتوسعة المسجد في القرن السادس عشر، وكذلك الامر في فترة السلطان عبد الحميد عام 1899م، واستمرت أعمال الصيانة والتوسعة حتى مطلع القرن الحالي، وتقدم سجلات الضرائب العثمانية معلومات مهمة عن الوضع الاجتماعي والاقتصادي في قرية العيزرية خلال تلك الفترة.
بنيت كنيسة الفرنسيسكان الحالية عام 1954 ، بإشراف المهندس الايطالي بارلوتسي، والذي راعى في تصميمه المحافظة على معالم الكنائس السابقة، كما قام الروم الارثدوكس ببناء كنيسة لهم على مقربة من قبر اليعازر عام 1965م.
تعتبر نواة البلدة القديمة في العيزرية من المعالم التراثية والسياحية التي يقصدها السياح أثناء زيارتهم، وتتكون من بيوت حجرية وساحات وأزقة تربطها فيما بينها، ويبرز في البلدة مبنى ضخما لا يزال قسما من بقايا زواياه شامخا يعرف بالقناطر، وهو برج مربع الشكل يعود إلى الفترة الفرنجية، طوله قرابة 15م، وسماكة جدرانه 4م، واستخدم من اجل اللجوء إليه في أوقات الحروب والطوارئ، وبه صهريج للماء.
بنى الروم الارثدوكس كنيسة بمحاذاة الشارع الرئيسي في بلدة العيزرية عام 1882- 1883 م فوق أنقاض كنيسة تعود للفترة البيزنطية، واقترنت بلقاء مريم ومرثا للسيد المسيح، ويسمى هذا الموضع حجر اللقاء.