جامعة بير زيت
تعتبر بلدة بيرزيت واحدة من البلدات الفلسطينية ذات الأهمية الاستثنائية لاحتضانها أقدم الجامعات الفلسطينية "جامعة بير زيت"، كما أنها ذات مشهد خلاب تنتشر فيه أشجار الزيتون والمصاطب الزراعية، وعيون المياه، التي تغطي الأودية والجبال وسفوحها. كما تنتشر على أراضي البلدة الكثير من المواقع والمعالم الأثرية والتاريخية التي شكلت تاريخ بيرزيت.
خلال قرابة قرن من الزمن، تحولت مدرسة إناث صغيرة في بلدة بيرزيت، إلى الجامعة الفلسطينية الأكثر تأثيراً في مسيرة التعليم العالي الفلسطيني، وما رافق ذلك من تأثير على تشكيل الوعي والثقافة بمعناها المعرفي ومعناها المقاوم، الذي عُرفت به بيرزيت خلال تاريخها، فشكلت شوكة في حلق الاحتلال، عبر الإصرار على القيام بدورها التنويري، الذي ما زالت تقوم به بثبات، مشكلةً داخل حرمها مجتمعاً فلسطينياً متعدد الثقافات، قادراً على الحوار والتواصل، ورافضاً للاحتلال كوصي على العقول والثقافة، على سبيل التحرر منه.
كانت بداية جامعة بيرزيت عام 1924، عندما تأسست كمدرسة ابتدائية للبنات في بلدة بيرزيت، على يد المربية نبيهة ناصر (1891-1951). وكان الهدف الرئيسي للمدرسة توفير فرصة التعليم الأولية للفتيات من بيرزيت والقرى المجاورة، في وقت انعدمت فيه المدارس تقريبًا في تلك المنطقة. وكانت رتيبة شقير (1881-1957) أول مديرة للمدرسة وعملت فيها حتى عام 1932.
عام 1942، أطلق على المدرسة اسم كلية بيرزيت، إذ كان إطلاق اسم كلية على المدارس أمراً شائعاً توقف بعد بضع سنوات، وكانت بيرزيت أصبحت كلية بالمعنى المعاصر للكلمة، فاحتفظت باسمها. تكونت الكلية من مدرستين منفصلتين - للبنات وللأولاد. كانت مدرسة البنات في بيت القسيس حنا ناصر الذي كان يضم الصفوف، وسكن الطالبات، وسكن المدرسات والمديرة، بالإضافة إلى مكاتب الإدارة. وكانت مدرسة الأولاد في بيوت ومبانٍ مستأجرة في الحي.
تولى رئاسة الكلية السيد موسى ناصر (1859-1971)، وفي عام 1953، أضيف للكلية الصف الجامعي الأول بفرعيه العلمي والأدبي، وتبعه الصف الجامعي الثاني عام 1961. وواصلت كلية بيرزيت العمل وتطوير خدماتها الأكاديمية، لتصل عام 1972 إلى تدريس أربع سنوات جامعية تؤدي إلى درجة البكالوريوس في الآداب والعلوم. وبلغ عدد البرامج الأكاديمية سبعة برامج وعدد الطلبة الملتحقين مائتي طالب وطالبة من كافة الأراضي الفلسطينية. كما بدأ العمل في برنامج العمل التعاوني كمتطلب إلزامي لكافة طلبة درجة البكالوريوس.
في عام 1976، احتفلت جامعة بيرزيت بتخريج الفوج الأول من طلبة البكالوريوس، وكان رئيس الجامعة هو الدكتور حنا ناصر، المبعد إلى لبنان. في نهاية شهر نيسان من العام نفسه، انضمت جامعة بيرزيت إلى اتحاد الجامعات العربية، في الاجتماع الذي عقده الاتحاد في السليمانية بالعراق. وفي هذه الفترة، أطلقت بيرزيت برنامج محو الأمية وتعليم الكبار، الذي كان أحد البرامج الريادية، وقامت الجامعة من خلاله بدور أساسي في إرساء ونشر فكرته إلى مؤسسات أخرى.
وفي نيسان من عام 1977، انضمت بيرزيت، كأول جامعة فلسطينية، إلى الاتحاد العالمي للجامعات. أما عام 1978، فشهد تأسيس كلية التجارة والاقتصاد، ومعهد الصحة العامة والمجتمعية. كما تأسست كلية الهندسة عام 1979.
كما تقرر بناء حرم جامعي جديد على مشارف بلدة بيرزيت، هو الحرم الحالي. ثم وضعت المؤسسة تحت إشراف مجلس أمناء يضم عدداً من المواطنين المهتمين بشؤون التعليم لإشراك المجتمع في تحمل أعباء المؤسسة ومسؤولياتها وضمان استمرارها في تأدية رسالتها. سجل المجلس قانونياً، ونقلت عائلة المؤسسين ملكية الأراضي التي يملكونها في موقع الحرم الجديد إلى مجلس الأمناء، وكان توفيق أبو السعود (1902-1981) أول رئيس لمجلس الأمناء بعد تسجيله. وفي عام 1975، تغير اسم كلية بيرزيت ليصبح جامعة بيرزيت.
شهدت الثمانينيات تطوراً أكاديمياً وعمرانياً، إذ تأسس العديد من البرامج الأكاديمية كبرنامج الماجستير في التربية، كأول برنامج دراسات عليا في فلسطين، وتأسس مركز مختبرات جامعة فحوص بير زيت. في عام 1985، افتتحت مكتبة يوسف احمد غانم، وبُدئت عام 1989 حوسبة العمليات المكتبية. وفي العام نفسه، افتتح مبنى الإدارة وقاعة كمال ناصر.
عاد رئيس الجامعة الدكتور حنا ناصر إلى الأراضي الفلسطينية في نيسان 1993، بعد أن أمضى أكثر من 18 سنة في المنفى. كما تأسس مركز التعليم المستمر، وافتتح مبنى كلية التجارة والاقتصاد، وتأسس معهد الحقوق في العام نفسه، والمعهد الوطني للموسيقى في رام الله.
في بداية الفصل الأول من العام الأكاديمي 1993/1994، أطلقت الجامعة برنامج الدراسات العربية– الفلسطينية، الذي صُمم لتدريس طلبة أجانب مساقات في اللغة العربية الفصيحة وأخرى في اللغة العربية (المحكية)، إضافة إلى مساق حول المرأة في المجتمع العربي، والأدب الفلسطيني المعاصر.وفي عام 1994، أطلقت الجامعة معهدين هما - معهد إبراهيم أبو لغد للدراسات الدولية، ومعهد دراسات المرأة. كما أصبح برنامج الدراسات العليا يضم أكثر من 16 تخصصاً.
وفي 27/6/1994، وقعت الجامعة على اتفاقية مع الحكومة الفرنسية، لتأسيس مركز للحقوق، بهدف تطوير القانون الفلسطيني وسيادته، والتجاوب مع الحاجات الفلسطينية في المجال القانوني، وافتتح المركز سنة 1995.
وانتخب الدكتور حنا ناصر في 8/2/1995 عضوًا في الهيئة الإدارية لاتحاد الجامعات الدولي، الذي يضم 800 جامعة، وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها انتخاب عضو من فلسطين فيها.
وفي بداية عام 1996، دخلت جامعة بيرزيت النسيج الإلكتروني العالمي، لتكسر العزلة المفروضة على الفلسطينيين في مجال الاتصالات ونقل المعلومات.
وفي 20/6/1996، افتتح مركز تدريب إذاعي في الجامعة، لإعداد كادر مهني في الإعلام، من الإذاعيين ولتأهيل الإذاعيين في الإذاعات المحلية.
كما افتتح مركز تدريب مهني في الصحافة المطبوعة في 4/12/1996، لتطوير الصحافة الفلسطينية على أسس من الديمقراطية ومبادئ الحرية والانفتاح. وفي 10/11/1997، افتتح برنامج الدراسات العليا في هندسة المياه، لإعداد قيادات شابة قادرة على التعامل مع موضوع المياه، وتطبيق الوسائل التكنولوجية لضمان الاستثمار الأمثل للموارد. كما افتتحت العيادة الطبية في 21/3/1998 لتوفير خدمات جيدة لأسرة الجامعة، طلبة وأساتذة، وموظفين وعمالاً.
وافتتح مبنى معهد الحقوق في 20/10/1998، لتوحيد التشريعات السارية في فلسطين ووضع مقاييس الصياغة التشريعية، بدعم من الحكومة القطرية والحكومة الفرنسية.
وفي 28/10/1998، افتتح برنامج الدبلوم في إدارة المؤسسات الحكومية، لدعم التدريب للمؤسسات الفلسطينية والمؤسسات الأكاديمية. وفي 31/12/1999، افتتح مختبر لغات حديث في الجامعة، لتطوير دائرة اللغات والترجمة وإضافة تخصص جديد لتدريس اللغة الفرنسية والترجمة. وفي 6/6/2000، افتتحت الجامعة مختبر شبكات معلوماتية، لرفع كفاءة المهندسين والمدراء والفنيين. وقد افتتح مبنى نسيب عزيز شاهين للدراسات العليا في 09/08/2001. فيما شهد عام 2002 تأسيس معهد الدراسات البيئية والمائية، وافتتاح مبنى الدراسات العليا (مبنى نسيب شاهين)، وهو العام الذي تولت فيه الآنسة سبا عرفات رئاسة مجلس الأمناء. وتولى السيد إبراهيم الدقاق رئاسة مجلس الأمناء عام 2003.
في عام 2004، تولى رئاسة الجامعة الدكتور نبيل قسيس خلفًا للدكتور حنا ناصر، وتأسست كلية الحقوق والإدارة العامة، وافتتح مبنى مملكة البحرين لدراسات المرأة، وافتتح ملحق مكتبة جامعة بير زيت الرئيسية. كما تأسس متحف جامعة بير زيت عام 2005.
وفي عام 2006، انتخب الدكتور حنا ناصر رئيسا لمجلس أمناء الجامعة، وتأسست كلية تكنولوجيا المعلومات، وافتتح مبنى التربية الرياضية (مبنى محمد عمران بامية ووليد كيالي). وفي السنوات اللاحقة، تواصل افتتاح الكليات والمباني والمراكز، إذ افتتح مبنى كلية الآداب (مبنى عزيز شاهين) عام 2007، وتأسست كلية التمريض والصيدلة والمهن الصحية، ومركز نجاد زعني للتميز في تكنولوجيا المعلومات عام 2008، وافتتح مبنى سعيد خوري لدراسات التنمية عام 2009. تسلم الدكتور خليل هندي رئاسة الجامعة، خلفًا للدكتور نبيل قسيس عام 2010، حتى 2013. وخلال هذه الفترة، افتتح مبنى كلية الصيدلة والتمريض والمهن الصحية (مبنى غالب يونس)، وافتتح مبنى كلية التربية (مبنى محمد عمران بامية)، وافتتح مبنى الرئاسة (مبنى وليد وهيلين قطان)، كما افتتح مبنى محمد المسروجي للإعلام. تولى الدكتور عبد اللطيف أبو حجلة رئاسة الجامعة عام 2015.
وتواصلت الانجازات حيث تم افتتاح المرصد الفلكي "مايكل وسنية حكيم" عام 2015، والذي يهدف إلى نشر الثقافة الفلكية بين قطاعات المجتمع كافة، كما وافتتحت الجامعة معهد سميح دروزة للصناعات الدوائية عام 2015، وشهد نهاية العام 2015 افتتاح مسرح نسيب عزيز شاهين، كما وشهد العام التالي 2016 وضع حجر الأساس للحديقة التكنولوجية الفلسطينية- الهندية في جامعة بيرزيت، وفي عام 2017 تم افتتاح مبنى كلية رياض توفيق الصادق للحقوق والإدارة العامة.
تطرح جامعة بيرزيت 119 برنامجا أكاديميا، منها 76 برنامجاً يؤدي إلى درجة البكالوريوس، و39 برنامجاً يؤدي إلى درجة الماجستير، وبرنامج دكتوراة واحد في العلوم الاجتماعية، وبرنامجان لدرجة الدبلوم، بالإضافة إلى برنامج الدراسات العربية والفلسطينية للطلبة الأجانب، في 9 كليات. ويبلغ عدد الطلبة الملتحقين في جامعة بيرزيت للعام الدراسي (2021/2022) 15074 طالباً وطالبة، تشكل الإناث منهم ما نسبته 62%.